10 - 05 - 2025

وجهة نظري| دلع الحكومة

وجهة نظري| دلع الحكومة

بابتسامة واسعة مشرقة تنير وجوههم، بخطوات واثقة مظفرة تضرب الأرض بخيلاء، بملابسهم الأنيقة المهندمة، بنظراتهم المبتهجة التي لاتشى بحمل هموم تفرضها مناصبهم الرفيعة فى بلد مبتلى بهموم تنوء عن حمله الجبال.. بدت صورتهم فى المشهد الذى تصوروا أنه مفرط فى تفاؤله بينما يتابعه الشعب المطحون بعيون مفرطة فى إحباطها وتشاؤمها.

صورة متناقضة بين تلك التى عاشتها الحكومة، بينما يعقد وزرائها أول إجتماع لهم بالمقر الصيفى الجديد بمدينة العلمين الجديدة،  وبين الحالة التى يستقبل بها المثقلون بديون الفواتير والأقساط وأسعار تلهب أرواحهم قبل جيوبهم من وطأة العجز.

وجوه الوزراء المبتسمة لا أعرف إن كان بالفعل عن يقين بإنجاز مؤمنين بتحقيقه، أم عن إفتعال لاجل الصورة ماتطلع حلوة!

وكعادتهم لم يحرمونا من تصريحاتهم المكررة والتى حفظناها عن ظهر قلب.. لاتكف ألسنتهم عن استعراض ما وصفوه بأنه إنجاز قياسى لمدينة جديدة متفردة  تستوعب مايقرب من أربعة ملايين مواطن، بنيت فى عامين، متباهين بمقر الحكومة الصيفى الجديد المكون من طابق أرضى وأربعة أدوار علوية.. تضم قاعة إجتماعات رئيسية ومركز إعلامى مجهز بأحدث الأجهزة، فضلا عن جناح لكل وزير يعد بمثابة وزارة لكل وزير، كما وصفه البعض، فهناك مكاتب لوكلاء الوزارة ومساعدي الوزير بحيث يمثل مبنى الوزارة كاملا.

وبينما حرص كل وزير على تفقد مكتبه الجديد فى المدينة الجديدة، بقى الشعب المبتلى بمعيشته القديمة بمدنه القديمة لا يكف عن التساؤلات العبثية.. كم تكلف بناء مقر جديد للحكومة؟ وهل هناك حاجة لبنائه؟ وما جدوى أن تخصص الحكومة مبنى صيفيا لها؟ وماذا عن مقرها فى العاصمة الإدارية؟ هل سيتحول لمقر شتوى؟ وماذا عن بقية فصول السنة؟ أين مقر الحكومة الربيعي والخريفى!

بالطبع مثل هذه التساؤلات لم تدر بذهن أى وزير من وزرائنا الكبار! ولم ولن يتعب أى منهم نفسه فى البحث عن فقه الأولويات! وعن جدوى تلك المقرات بتكاليفها الباهظة.

فقط تعودنا منهم فقط أن تنطلق ألسنتهم وتصريحاتهم بكل الكلمات التى تدعو الشعب لمزيد من التحمل.. تحمل الغلاء ورفع الدعم وتدنى الأجور وضيق حياة خانقة تسير من سيئ لأسوأ.

يتحمل البسطاء فى صمت عاجز، وإن كان لسان حالهم يتساءل عن نصيب الحكومة من التحمل!

لماذا لا تستغنى الحكومة عن السيارات الفارهة لكل وزير وتستبدلها بسيارات أقل فخامة؟ وما الذى يمنع كل وزير من استخدام سيارته الخاصة؟ أليس ذلك نوع من التضحية والتحمل، وأقل ما يمكن تقديمه كمثال يحتذى به الآخرون؟!

لماذا لاتخفض رواتبهم وبدلاتهم فى ظل سياسة تحتم علينا جميعا التقشف، فما الذى يمنعهم من مشاركتنا ذلك التقشف؟ أم أن شروط البنك الدولى فرض على الشعب المطحون وحده!

لماذا لا تقلص الحكومة عدد مساعدي الوزراء، وعدد ساعات تشغيل أجهزة التكييف واستبدالها بالمراوح؟!

لماذا لا يجلس الوزير ومساعدوه فى غرفة واحدة توفيرا للكهرباء؟ لماذا لا نكتفي بمقر واحد للحكومة بدلا من المقرات الثلاثة المستفزة؟!

تبدو الأسئلة غريبة لا واقعية مرفوضة لايقبلها عقل أى وزير، وربما يصم صاحبها بالبلاهة والجنون!

هو بالفعل درب من جنون، تماما مثلما يطالبنا المسؤولون بمزيد من التحمل ومزيد من التقشف ومزيد من الصبر، غير عابئين بأننا كل يوم نهبط درجة مبتعدين عن حالة الستر التى كنا عليها، حتى وصلنا للقاع.

فارحمونا يرحمكم الله.
--------------------
بقلم: هالة فؤاد

مقالات اخرى للكاتب

قانون الإيجار القديم .. لغم لا يحمد عقباه